مثبتات الشعر


 مثبتات الشعر كظاهرة اجتماعية ذات أبعاد اقتصادية

تعتبر مواد تثبيت الشعر أو الجال كما يطلق عليها باللغة العامية من المواد الأكثر استعمالا من قبل الشباب حاليا فهي تشكل تجارة جد مربحة لمنتجيها و مصدريها, ويستعمل الشباب هذه المركبات و على وجه الخصوص فئة الذكور بكثرة الى درجة أنها أصبحت شيئا عاديا و معروفا من قبل العامة. و يجدر بالذكر أن نسبة مبيعات الجال في هذه الأيام قد فاقت معجون الأسنان و بعض مواد التنظيف كالغسول و جميع مواد العناية بالشعر المعتادة. و يقول المختصون في التسويق بأن هذه المادة أضحت ضمن أعلى مرتبة في تصنيف المنتجات اذ أنها تصنف حاليا مع ما يسمى “بمنتجات الطلب” و هي المنتجات الأكثر طلبا في السوق كالخبز و الكوكاكولا و الجال أيضا و التي تتحكم بتسويق الممنتجات الأخرى حيث أنه على التاجر أن يطرح هذه المواد للبيع في محله لأن الزبون ان لم يجد مثل هذه المواد في المحل فلن يشتري أي شيئ اخر و يتجه مباشرة نحو متجر اخر يقترح تلك المواد للبيع.

و أنتشرت المنتجات المثبة للشعر بصورة واضحة في السوق الجزائرية منذ تسعينيات القرن الماضي و ذلك بفعل تأثير الوسائط السمعية البصرية المتعددة على ثقافة المجتمع الجزائري و بالخصوص فئة الشباب, حيث أصبح الشاب الجزائري بحاجة ملحة الى مواكبة التطورات التي طرأت على ميدان الموضة. و حيث أنه للتلفزيون على وجه الخصوص و بعد ذلك الشبكة العنكبوتية تأثيرا نفسيا بالغا و قدرة هائلة على تحطيم معتقدات الفرد التي تشكل البنية الأساسية لشخصية الفرد أو بالأحرى القاعدة التي تبنى عليها سلوكات و أفكار الانسان. و يمكن اعتبار انتشار المنتجات المثبة للشعر في السوق الجزائرية كظاهرة اجتماعية فريدة من نوعها اذ أنها نجحت في التسلل الى ثقافة المجتمع و عاداته اليومية تماما مثل الموبايل و الكوكاكولا و غيرها من المنتجات التي شقت طريقها بين عادات المجتمع الجزائري.

تأثير مثبتات الشعر على صحة الفرد

تتكون مادة الجال من مزيج من المركبات الاصطناعية المشتقة من مستخلصات معدنية و عضوية أقل ما يمكن القول عنها أنها مضرة بصحة الفرد. حيث أن موادا مثل : الكربوبول و التري ايثانول امين هي مركبات تعتبر بمثابة سموم بالنسبة لجسم الانسان و خصوصا للشعر و فروة الرأس. حيث أن هذه المواد تعمل على غلق مسامات فروة الرأس التي تحتاجها جذور الشعر للنمو بصورة منتظمة و طبيعية, و يؤدي غلق هذه المسامات الى اختناق ليس فقط خلايا الشعر بل و أيضا الخلايا الجلدية المكونة لفروة الرأس مما يؤدي الى ظهور ما يعرف “بالقشرة” الناتجة عن موت خلايا فروة الرأس. و ينتج عن موت هذه الأخيرة نقص فادح في تغذية خلايا الشعر التي تصبح شاحبة اللون, سهلة الانكسار و فاقدة للمعان و الحيوية.

و لعل من أهم الأسباب المؤدية لتساقط الشعر الاستعمال المفرط للمنتجات التي تحوي مواد اصطناعية ذات حموضة عالية. و مثل هذه المركبات غالبا ما تستعمل في تحضير المنتجات المثبة للشعر وذلك بكميات معتبرة فالمعطرات و مكونات أخرى معقدة التركيب ذات البي أيتش المنخفض تعتبر ذات طبيعة حامضية تثبط التفاعلات الحيوية على مستوى خلايا الشعر و فروة الرأس, مما يؤدي الى اضمحلال الشعرة من الجذور فتفقد بذلك وسيلة التثبيت على مستوى فروة الرأس فتسقط, و يحدث هذا للالاف من خلايا الشعر. و بطبيعة الحال يبدأ الانسان بملاحظة أعراض تساقط الشعر خلال وقت قياسي بعد استعماله تلك المواد الحامضية و في بعض الأحيان بعد الاستعمال مباشرة, وتلعب بنية الشعر وحتى مستوى صحة الفرد دورا هاما في مقاومة التداعيات السلبية للمواد الحامضية لكن الاستعمال المنتظم لمثل هذه السموم يقلص من هذه المقاومة.

كما أن تاثير المنتجات المثبتة للشعر لايقتصر على الشعر و فروة الرأس بل هناك تأثيرات جانبية أخرى عديدة على كافة أعضاء و أنسجة الجسم. وفي حقيقة الأمر ان الاستعمال الخارجي لمثبت الشعر لا يجعله أقل خطرا على الصحة العامة للفرد من المركبات الأخرى ذات الاستعمال الداخلي و العام ففروة الرأس لديها القابلية لامتصاص المواد السامة المحتواة في الجال و بعثها بصورة مستمرة و منتظمة في الدورة الدموية مما يجعل كل خلايا الجسم عرضة للاصابة باختلالات فادحة في تفاعلاتها الأيضية و هو الأمر الذي ينقص من كفاءة الأعضاء و الأجهزة المصابة. و يؤدي دخول المواد ذات الحموضة العالية الى ارهاق أجهزة الاطراح حيث تشكل هذه المواد عبئا زائدا على أعضاء الاطراح كالكلى و الكبد و الرأتين دون الحديث عن الاستجابة المناعية العنيفة في كل مرة تدخل فيها هذه المواد غير الطبيعية الى الوسط الداخلي, و ينتج فيما بعد عن الاستجابات المناعية المتكررة ظهور ما يسمى بفرط الحساسية.

كما أن البحوث العلمية الحديثة قد أثبتت ارتباط بعض المكونات المستعملة في مثبتات الشعر ببعض أنواع السرطانات و على رأسها سرطان الجلد و البروستات, كما يرتبط وجود كميات كبيرة من المكونات الحامضية في الدورة الدموية بالعجز الكلوي و بعض أنواع التهابات الكبد.

دور فروة الرأس في الحفاظ على صحة الفرد

ان لفروة الرأس أهمية بالغة في الحفاظ ليس فقط على جمال الشعر و حيويته و انما أيضا على السير الجيد لجميع وظائف الجسم, كيف ذلك ؟

يعتقد الكثير من الناس أن فروة الرأس هي جزء من الجلد الذي يحيط بالجسم و أن دورها يقتصر على حماية و تغذية الشعر. و الحقيقة أن هذا الدور ما هو الا جزء بسيط من أهميتها, و دورها الفعلي يكمن في أنها تحوي عددا هائلا من المستقبلات الحسية العصبية التي تربط فروة الرأس بكل عضو أو نسيج موجود في الجسم. لقد أثبت علماء الأحياء وجود علاقة بين مناطق محددة على فروة الرأس و كافة وظائف و أعضاء الجسم. ان هذا الاثبات ليس اكتشافا في حد ذاته اذ و منذ الاف السنين استعمل الصينيون القدامى خريطة توضح العلاقة المتينة بين مناطق على فروة الرأس و وظائف الجسم في تشخيص و علاج مختلف الأمراض. و حديثا أثبتت نجاعة هذه الطرق في الوقاية و التشخيص المبكر و علاج الأمراض. و من منظور الفسيولوجيا العصبية فان كل منطقة على فروة الرأس تؤثر و تتأثر بدورها على العضو المرتبط بها بصورة مباشرة, فاذا كان الشخص يعاني من مرض كلوي مثلا فهذا يظهر بوضوح في المنطقة الوسطى من أعلى الرأس على شكل بقع حمراء أو آلام أو بثور على اليمين أو على اليسار حسب الكلية الأكثر تضررا. كما أن اصابة ذلك الجزء من فروة الرأس يؤدي حتما الى خلل معين في الكليتين.

ومن هنا يظهر لنا جليا أن التداعيات السلبية لمثبتات الشعر تؤدي حتما الى اضعاف كفاءة أعضاء الجسم و بالتالي وظائفه الحيوية و هذا مستقل تماما على المفعول السام للمكونات الموجودة في مثبتات الشعر و التي تطرقنا اليها سالفا.

و بالاضافة الى ذلك فان الكم الهائل من النهايات العصبية على مستوى فورة الشعر يجعل منها عاملا هاما في مكافحة الضغط النفسي و فرط النشاط العصبي. فتدليك فروة الرأس يؤدي الى نوع من الاسترخاء و الشعور بالامان و الثقة و يجعل من معنويات المرء عالية, كما يجدر بالذكر أن الاعتناء بنظافة الشعر و فروة الرأس يزيد من مستوى الطاقة و الحيوية في الجسم و ينشط الدورة الدموية في الرأس و يسهل عمل الجهاز العصبي المركزي المسؤول عن تسيير وظائف الجسم ككل.

نصائح للشباب الذي يستعمل مثبتات الشعر

على الرغم من أن التأثيرات السلبية لمثبتات الشعر معروفة لدى الشباب الجزائري الا أن استعماله كمادة تجميل و موضة في تزايد مستمر, اذ يمكن اعتباره كآفة اجتماعية حقيقية بكل الأبعاد من حيث أن استعماله قد أصبح مشابها للسيجارة اذ أننا نجد ثلاث شباب من بين أربعة قد استعملوا أو يستعملون الجال حاليا. و مع أن هذه المادة لا تعود بالفائدة على صحة الفرد الا أنه يمكن استعمالها في بعض الأحيان و لكن مع مراعاة الشروط التالية :

– استعمال مثبتات الشعر بصورة غير منتظمة مع ترك فترة زمنية لا تقل عن عشرة أيام حتى يتمكن الجسم من التخلص من السموم و مساعدة خلايا الشعر و فروة الرأس على التجدد و الاسترجاع.

– عدم تنظيف الشعر لمدة لا تقل عن أربعة أيام قبل و ضع الجال, لجعل خلايا فروة الرأس الميتة تترسب على الفررة فتعيق امتصاص المواد السامة الموجودة في مثبت الشعر.

– لا يجب أن تتعدى مدة استعمال مثبت الشعر الأربع ساعات.

– غسل الشعر بعد هذه المدة بغسول ذو بي أيتش معتدل عدة مرات الى غاية الزوال الكامل لمثبت الشعر.

– تجنب مثبتات الشعر القوية أو المصنوعة من أحد المواد الآتية : الكاربوبول, تري ايتانول أمين, بوليفينيل بيروليدون و ذلك بسبب مفعولهم السام و المسبب للسرطانات.

– استعمال مستحضرات طبيعية مغذية للشعر خارج أوقات استخدام الجال و ذلك للزيادة من مقاومة خلايا الشعر و فروة الرأس.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *