كل ما يجب أن تعرفه عن المهدءات


ان متطلبات الحياة اليومية في العصر الحالي في تزايد مستمر. فتارة مشاكل العمل و تارة أخرى الأسرة الصغيرة و الأسرة الكبيرة دون الحديث عن الشارع الجزائري و الضغوطات التي يتعرض لها الفرد عن وعي أو عن غير وعي نتيجة المحيط الاجتماعي الصعب المراس. كل هذه العوامل لا تجعل الفرد بمنئ عن الضغط النفسي و الاحباط و حتى الأزمات العصبية. و فيما يلي سيكون الحديث عن دور بعض العقاقير المعروفة عند عامة الناس بالمهدءات في تحسين حالة الشخص الذي يعاني من أزمات نفسية كما يظنه المواطن الجزائري, و أيضا الأضرار النجمة عن تناول مثل هذهالعقاقير.

يلجأ الكثير من الناس الى تناول أدوية مهدئة متفاوتة الفعالية, من مسكنات الألم و الأدوية المنومة الى العقاقير المهدئة في حد ذاتها و في الحالات القصوى يلجأ العديد من الأشخاص وخاصة الشباب منهم الى تعاطي المخدرات. كل هذه الأنواع من العقاقير يمكن تصنيفها ضمن المواد المهدئة لأنها تغير في التجربة الحياتية للفرد و تجعله يظن أن الأمور على ما يرام فهي تغير الشعور الداخلي و لا تحل المشكل في حد ذاته. فالمسكنات مثلا هي مواد كيميائية مثل المورفين و مشتقاتها و الباراسيتامول و ما الى ذلك فهي تهدأ الألم دون معالجة أسبابه, و الأدوية المنومة كالترونكسان و الفاليوم تسهل النوم دون القضاء على المسببات الفعلية للأرق, أما العقاقير المهدئة كالستريزام و الليكزوميل و الأروكسيل و الأنافراميل فهي تدخل الشخص في حالة من الهدوء الاصطناعي و هي حقيقة تساعد على تحمل الضغوطات الخارجية دون المساهمة في التخلص منها بشكل نهائي و مواجهتها بطريقة حاسمة. و لعل الأسوأ من ذلك كله هو استعمال مثل هذه العقاقير دون الاستشارة الطبية. فمن منا لا يمتلك أقراص الباراسيتامول في منزله و قليلون هم من لا يبتلعون قرصا أو اثنين فور احساسهم بألم في الرأس.

هكذا يروج منتجو المواد الصيدلانية للأدوية.

يقال أنه لكل داء دواء, و عند ذكر كلمة “دواء” يتوجهتفكيرك مباشرة الى الصيدلية على الرغم من أن المقصود بالدواء في هذه العبارة ليس فقط بالمواد الصيدلانية بل كل ما من شأنه علاج الداء, و لكن معنى مصطلح “دواء” قد أخذ منحى آخر منذ أن أختصت الصناعة الصيدلانية بانتاج مركبات اصطناعية ذات مفعول علاجي.

فاذا كنت مدير شركة أو على الأقل على دراية بعالم المال و الأعمال فأنت من دون شك على علم بأن أكسيجين أي شركة هو ايجاد أسواق جديدة و بالتالي استثمارات مربحة, و لن يفوتك اطلاقا أنه من أكبر الشركات العالمية في الوقت الحالي و التي تساهم في تحريك اقتصادات الدول الكبرى و تفرض شروطها الاستفزازية على الدول الصغيرة و تتفاوض الند للند مع حكوماتها هي الشركات الكبرى للمواد الصيدلانية. و يكفيك أن تقوم ببحث صغير على شبكة الأنترنيت لتدرك أن آخر ما يفكر فيه مالكوا مثل هذه الشركات هو الصحة العمومية. ان الاستراتيجية الكلاسيكية المعتمدة من قبل منتجي الأدوية و المتمثلة في التركيز على فئة الأطباء و الصيادلة و توجيه تكوينهم نحو الاستعمال المفرط للأدوية لم تعد تجدي نفعا نظرا للتطور الرهيب و السريع لاحتياجات شركات الصناعة الصيدلانية. و مايدعى في الماركيتينغ بتوسيع رأس المال هو حقيقة لا يمكن نفيها في ظل عالم يسوده التنافس على الربح. هذا ما دفع بمنتجي الأدوية بالترويج لتلك الأدوية و العقاقير التي لا تظهر أعراضها الجانبية بشكل فوري كالمهدئات و مسكنات الألم و العقاقير المنومة و مضادات الاحباط و بهذا لا يمكن ربطها بالمشاكل الصحية التي ستظهر في وقت لاحق لا محالة.

و يمكن ذكر على سبيل المثال لا الحصر الحملة الدعائية الضخمة للأسبيرين في سبعينيات القرن الماضي و بعدها الباراسيتامول و الكوديين و الأدوية المضادة للزكام و كذلك الأدوية المهدئة و المخففة للاحباط. و تركز الحملات الدعاية لبارونات الأدوية على المهدئات و المسكنات و المنومات و مضادات الاحباط نظرا للطلب الهائل عليها, فمن منا يريد أن يكون عرضة للألم, أو الأرق أو الضغط أو الاحباط النفسي. و ينتهج مروجو الأدوية أحدث تقنيات التسويق في نشر ثقافة الدواء بين العامة. فتجدهم تارة يقومون بالاشهارات و تارة أخرى يقومون برعاية حصص تلفزيونية مختصة بالصحة و لكن مواضيعها تدور حول استعمال الأدوية, دون الحديث عن الاستراتيجية الكلاسيكية في تسويق الأدوية و المتمثلة في “نكتة” التكوين الطبي المستمر للأطباء عبر ارسال ما يسمى بالممثلين الرسميين للمخابر الصيدلانية للترويج لمنتجاتهم الجديدة.

المهدئات… أسطورة أم حقيقة.

هل المهدءات فعالة في التخلص من الألم او الضغط أو الاحباط ؟ و ان كانت كذلك فما العيب في استهلاكها فهي في نهاية الأمر تساهم في حل المشكل ؟ و ان كانت حقيقة غير فعالة فما الذي يدفع بالأشخاص لاستهلاكها بالرغم من عدم جدواها ؟ اذا طرحت هذه الأسئلة على نفسك فهذا يدل على أنك قد استوعبت ما فيه الكفاية لفهم ما سيأتي لاحقا. كثيرون هم من جربوا في فترة ما من حياتهم أدوية مهدئة أو مسكنة و لاحظوا بأنفسهم مفعولها, و كثيرون هم أيضا من يؤمنون بأن مفعول مثل هذه المواد مجرد هراء اذ أنهم يجدون انه و خلال فترات عصيبة من حياتهم لم تساهم هذه الأدوية في تحسين نوعية حياتهم. و ما يمكن قوله هنا هو أن كلاهما على حق. اذ الواقع أن مفعول الدواء و خصوصا المهدئ و المسكن و المنوم و حتى المخخف للاحباط مرتبط برد فعل العضوية. و يعلم الأطباء الأكفاء أن كل مريض هو حالة استثنائية بحد ذاته, ذلك لان تفاعل الجسم و تجاوبه  الفسيولوجي مع الدواء يختلف من شخص لآخر. غير أن هذه الاختلافات الفسيولوجية ليست الوحيدة في تحديدة مدى فاعلية الدواء المهدئ, بل أن العامل السيكولوجي يلعب الدور الحاسم في الكثير من الأحيان. و يتمثل العامل السيكولوجي أو ما يسمى بالبلاسيبو في مدى اقتناع الشخص و ايمانه بنجاعة المهدئ الذي تناوله للتخفيف من حدة الضغط النفسي الذي يعاني منه, و من المثير للاهتمام هنا أنه و في ثلث الحالات أي ثلاث الى أربع حالات من أصل عشرة يشعر المريض بتحسن ملحوظ في حالته حتى و ان كان الدواء المقدم عبارة عن ماء أو مادة أخرى لا تحوي صفات علاجية فالمهم هو اقتناع المريض بفاعلية المادة المتناولة. و يستغل بعض منتجو الأدوية عامل البلاسيبو في تسويق أدويتهم و تخفيض تكاليف الانتاج, فهم في حقيقة الأمر يستعملون سواغات و مواد ذات فعالية محدودة رخيصة الكلفة و يقومون بتسويقها و الترويج لها.

الأضرار و الآثار الجانبية.

للأدوية المهدئة أضرار عديدة فهي كغيرها من الأدوية تؤثر سلبا على أعضاء الاطراح كالكلى على وجه الخصوص و تخرب خلاياها. الى جانب أنها تسبب تسمم الخلايا الكبدية مباشرة بعد استهلاكها مثل ما هو معروف عن الباراسيتامول, و تقدم المهدآت في أغلب الأحيان على شكل أقراص و حبيبات مما يجعل تأثيرها على الجهاز الهضمي سلبيا في حالة تناولها لفترات طويلة المدى. أما عن التأثيرات السلبية الخاصة بالأدوية المهدئة في حد ذاتها فهي تتمثل في خطر الادمان فيما يخص مضادت الاحباط و المنومات. و عن تأثيرها على الجهاز العصبي فهي تحدث حالة من عدم التوازن على مستوى خلايا المخ و تؤدي بذلك الى أعراض سلوكية كالخمول و نقص الانتباه و نقص القدرة على التفكير الواقعي و اتخاذ القرارات غير الصائبة.

أقوى أنواع المهدئات… التربية النفسية.

استعمل أونتوني روبينس أقوى خبير دولي في التطوير الذاتي ذات يوم في أحد محاضراته عبارة كان لها الأثر البالغ في تغيير منحى حياتي فقد قال أن الحياة هي مجموعة غير متناهية من المشاكل و أن الفرق الوحيد بين السعادة و التعاسة هو الطريقة التي تدرك بها هذه المشاكل. فاما ان تراها أعباءا فتصبح مختصا في المهدئات و تجرب مفعولها الرئع و لعك ستقتنع بها في وقت وجيز لتصبح أدويتك المفضلة و اما أن تعيشها كخبرات و تجارب تساهم في تربية قدراتك البدنية و النفسية و الروحية. و فيما يلي بعض النصائح و الارشادات للتخلص من الضغط النفسي و الأرق و الاحباط :

                                   في حالة الضغط النفسي :

– ابدأ من الآن في القيام بنشاط بدني منتظم و لك الاختيار بين الرياضات الجماعية أو القتالية أو المائية او الجبلية. و ان لم تتح لك فرصة ممارسة احدى الرياضات السابقة فبامكانك الاكتفاء بممارسة اختصاصين رياضيين كالجري أو السباحة أو الدراجة مثلا.

– مارس الاسترخاء على الأقل ربع ساعة كل يوم, و عن كيفية الاسترخاء ما عليك الا اقتناء كتاب أو اجراء بحث صغير على غوغل.

– حاول أخذ حمام ساخن كل ليلة.

– تنفس بعمق في كل مرة تلاحظ أو تسمع أو تحس بشيئ يجعلك متوترا.

– ان الضغط النفسي ينجم عن اعطاء الأشخاص و الأشياء أهمية مفرطة, فتعلم ألا تبالغ في تعطي الأشياء قدرها و أن تنفصل نفسيا عن الماديات لتحمي نفسك من الأزمات.

       في حالة الأرق :

 بالاضافة الى الاقتراحات المتعلقة بالضغط النفسي و التي هي جد فعالة أيضا في حالة الأرق فبامكانك :

– تناول حساء ساخن قبل النوم أو كوبا من التيزانة أو النعناع الساخن.

– تهيئة الجو المناسب للنوم, فغرفة النوم يجب أن تكون مظلمة تماما و هادئة كما أن فراش النوم يجب أن يكون مريحا.

– لا تفكر في شيئ, فأنت لا تحتاج أن تفعل شيئا حتى تنام, فقط استرخي بكل بساطة.

       في حالة الاحباط :

– ان الاحباط النفسي في الواقع غير موجود, أو على الأقل بالمفهوم السائد حاليا, فهو من انتاج و اخراج الصناعة الصيدلانية للترويج لبعض الأدوية. و قد عرف الاحباط على أنه مرض خطير, على الرغم من أنه مجرد حالة نفسية تنتج عن وضعية جسمية منغلقة و طريقة تفكير مسدودة. و الحل يكمن في تغيير احدى العاملين سواءا الوضعية الجسمية أو طريقة التفكير. و الأسهل و الأكثر فاعلية هو الوضعية الجسمية. اذ بامكانك أن تلاحظ أن كل الأشخاص المحبطين يفضلون وضعية واحدة حيث يكون الرأس مطأطأ و البصر موجه نحو الأسفل و الكتفين ملتفتين حول الصدر. فاذا كنت تعاني من الاحباط بشكل مستمر فحاول دائما أن تفتح صدرك و أن تجعل رأسك عاليا و بصرك موجها نحو فوق مستوى النظر و ستلاحط الفرق في الحين.

– ان التناول المفرط للسكريات و اللحوم سيؤدي بك حتما الى الاحباط فحاول أن تقلل قدر المستطاع من هذه المواد.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *