القدم… مرآة الجسد
من كان يضن أن الضغط على نقطة معينة من راحة القدم بإمكانه ازالة ألم في المعدة أو في الرأس, و مع ذلك… فهي حقيقة علمية مثبتة. ان الضغط في المكان المناسب من القدم بالطريقة المناسبة بامكانه احداث رد فعل ايجابي على العضو الموافق و بالتالي ازالة الأمراض و الآلام المرتبطة بتلك المنطقة. تحوي الجهة السفلية من القدم على العشرات من النقاط و المناطق الصغيرة المتوضعة على شكل دوائر أو أشكال متفاوتة المساحات, و تلعب هذه المناطق دورا معدلا تجاه العضو أو الوظيفة المسندة اليها. و تعتمد هذه التقنية على مبدأ رد الفعل العصبي الحسي و هي بهذا تقنية علاجية و وقائية في نفس الوقت.
نبذة تاريخية.
ان تقنية الريفليكسولوجيا هي من بين التقنيات الأقل رواجا بين مستخدمي الصحة الجزائريين و ذلك نظرا لنقص المعرفة الازمة و الفهم الكافي لمبدأ عملها, و لكن هذا لا يمنع أنها تستخدم في مراكز الراحة و العلاج الطبيعي في أوروبا و أمريكا و هي مطلوبة بكثرة في الصين و بلدان الشرق الأقصى الى درجة أنها تمارس يوميا على الأرصفة و في الحدائق العمومية. و يرجع تاريخ الريفليكسولوجيا أو ما كان يدعى سابقا بالتدليك الحيزي الى عصور ما قبل الميلاد اذ استعملها الصينيون القدامى و الفراعنة و الهنود للتخلص من مختلف الأمراض و اعادة التوازن الداخلي للجسم ثم اختفت بعد ذلك باختفاء هذه الحضارات. ويعود الفضل في اعادة اكتشافها في بداية القرن العشرين الى الطبيب الأمريكي ويليام فريتزجيرالد الذي أطلق عليها في بادئ الأمر مصطلح التدليك الحيزي. و قد قسم الدكتور فريتزجيرالد جسم الانسان الى عشرة مناطق مختلفة بعد أن لاحظ أن الضغط على نقطة معينة من الجسم بواسطة الابهام يؤدي الى ردود أفعال فسيولوجية في مناطق و أعضاء أخرى بعيدة عن النقطة المضغوطة. و يعود الفضل في اطلاق مصطلح الريفلكسولوجيا على هذه التقنية الى المعالجة الفيزيائية الأمريكية أونيس أينغام التي واصلت الأبحاث و حددت خرائط دقيقة تسمح بالتأثير على أي عضو في الجسم بشكل فعال.
مبدأ الريفلكسولوجيا.
تعتمد تقنية ريفلكسولوجيا القدم على مبدأ رد الفعل العصبي, اذ أنه و عند تحفيز مناطق معينة في راحة القدم يتم بذلك نقل الرسائل الحسية عن طريق سيالات عصبية الى الجهاز العصبي المركزي أين تعالج هذه الرسائل و تستجيب بعدها الخلايا العصبية المخية بتنبيه كافة الأنسجة و الأعضاء المرتبطة بالنقطة المحفزة و خلق استجابة فسيولوجية في هذه الأنسجة. و يستجيب العضو المنبه بإعادة النشاط المتوازن للخلايا المكونة له, مما يجعل أي خلل في ذلك العضو يتعدل أوتوماتيكيا من دون استعمال أي مادة كيميائية. و من الواضح أن الريفلكسولوجيا تفعل بشكل كبير قدرات الشفاء الذاتي الكامنة في جسم الانسان و ذلك دون أي أعراض جانبية آثار سلبية مستقبلية على صحة الفرد مثل ما هو الحال في العلاج بالأدوية أو ما يسمى بالآلوباتيا.
الريفلكسولوجيا… الدواء السحري للمواطن الجزائري.
اذا كنت من القلائل الذين بطريقة ما أتيحت لهم الفرصة للاستفادة من حصة لتدليك القدمين فأنت تعرف حتما مدى التأثير القوي لمثل هذا النوع من التدليك ولعلك تبحث الآن عن فرصة أخرى و لن تتوانى في قبول عرض صديق أو زميل لك بتدليكه لقدميك و لو لفترة وجيزة و حتى و ان كان ذلك بطريقة عشوائية… و أنت تدرك تماما أن السحر هذه التقنية لا يكمن فقط في ذلك الشعور بالراحة النفسية الذي ينتابك خلال فترة التدليك بل ان سحرها يستمر لعدة أيام بعد ذلك. و من الجدير بالذكر أن جسم الانسان بكامله مرسوم بشكل منسجم و متناغم على راحة القدمين و أن القدم اليمنى تحوي على الأعضاء المتواجدة في الجهة اليمنى من الجسم و كذلك القدم اليسرى تحوي على الأعضاء المتواجدة في الجهة اليسرى من الجسم. و من الأمراض التي يمكن معالجتها عن طريق الريفلكسولوجيا : مشاكل الهضم, آلام الجهاز الحركي و الرأس, أمراض القلب و الجهاز التنفسي و الكلى و الكبد و حتى الغدد الصماء, و بشكل واضح و فعال أمراض الجهاز العصبي سواءا كانت فسيولوجية أو نفسية. ومن هنا يتضح جليا أن حاجة المواطن الجزائري لمثل هذا العلاج كبيرة. اذ و على سبيل المثال نجد أن عدد الجزائريين المصابين بارتفاع الضغط الدموي قد فاق ال 11 مليون مصاب و أن الأشخاص المصابين بأمراض قلية جدية قد بلغ ال 800 ألف شخص, كما أن المصابين بأمراض الكلى لا يقل عن الستة ملايين مريض. ان هذه الاحصائيات الرسمية المأخوذة عن وزارة الصحة تعكس الحالة الصحية المزرية للمواطن الجزائري و تثبت فشل الطرق الكلاسيكية في العلاج عن طريق الأدوية و هذا رغم توفر الرعاية الطبية الازمة و الأدوية المناسبة وكذا نظام الضمان الاجتماعي الذي يتكفل بتعويض تكاليف العلاج. و بالتالي قد يساعد ادخال مثل هذه التقنيات العلاجية الحديثة التي لا تتطلب امكانيات كبيرة في التقليص من فاتورة قطاع الصحة التي هي في تزايد مستمر.
المشي… رياضة و ريفلكسولوجيا.
يعتبر القدم عضو ارتكاز و توازن فهو جزء من الأجزاء المكونة للجهاز الحركي و يساهم في تنقل الجسم بشكل كبير. غير أن البنية المعقدة لهذا العضو تعكس وظائف أخرى مفتاحية في الحفاظ على صحة و توازن الفرد. تحتوي راحة القدم على ملايين النهايات العصبية الحسية المتصلة مباشرة بالجهاز العصبي المركزي و التي لها علاقة بمختلف أعضاء الجسم و أنسجته. و بغض النظر عن التأثيرات الايجابية للمشي كرياضة على صحة الفرد من تحفيز للدورة الدموية و تعديل نشاط الجهاز العصبي و التنفسي فللمشي أيضا وظيفة أخرى أهم من سابقتها متمثلة في الحفاظ على التوازن الوظيفي للجسم بواسطة التنبيه المستمر و المنتظم للنهايات العصبية الحسية لراحة القدم. و يعتبر المشي ريفلكسولوجيا في حد ذاته, فالإنسان كان يستعين بالمشي لقضاء حاجاته أما في الوقت الحالي فمتوسط المشي عند الانسان العادي يقل شيئا فشيئا و تزداد معه طرديا القابلية للإصابة بالأمراض نظرا لطريقة الحياة الحالية التي تحث على الخمول و عدم النشاط.
بإمكانك أن تحافظ على صحتك و على توازن جسمك بمشي 30 الى 45 دقيقة يوميا, و اذا كنت تفضل المشي حافيا في المنزل أو على الشاطئ فذلك أحسن من المشي بالحذاء فالرمل على الشاطئ و حتى أرضية المنزل تساعد على تحفيز راحة القدمين أفضل من قاع الحذاء. و من المهم أن تكون مسترخيا في مشيتك و أن يكون ظهرك مستقيما بالإضافة الى أن يكون الريتم متوسطا بحيث يمكنك من التحكم في تنفسك من دون الشعور بالإجهاد على مستوى الصدر أو الاعياء على مستوى المفاصل, و يجب الحفاظ على نفس السرعة خلال كامل مدة المشي.
نصائح للقيام بحصة تدليك القدمين.
مثلما أوضحنا سابقا يعد المشي نوعا من أنواع الريفلكسولوجيا حيث أنه يحفز راحة القدمين بشكل عام. كذلك عند تدليك القدمين فذلك يعد أيضا ريفلكسولوجيا. و بطيعة الحال من المستحسن أن يكون المدلك مختصا في الريفلكسولوجيا خصوصا اذا كنت تعاني من مشكل محدد و لكن و كما أسلفنا الذكر هذه الطريقة في العلاج صحية للغاية و بدون آثار جانبية اطلاقا و يمكن اذا لأي شخص أن يقوم بتدليك قدميك دون أي خطر بل و على العكس سيفيدك ذلك كثيرا. و مع ذلك فعلى المدلك اتباع بعض الخطوط العريضة أثناء عملية تدليك القدمين :
– قم أولا بوضع الزبون في وضعية تسمح له بالاسترخاء التام و من المستحسن أن يكون مستلقيا على ظهره بشكل مريح.
– من المستحسن أن يكون المكان دافئا, هادئا و قليل الانارة.
– استعمل الابهامين و راحة اليد في تدليك راحة القدمين.
– لا تركز التدليك على جهة معينة و أجعل يداك تتحركان ببطء و بصورة مستمرة على راحة القدم.
– مستوى الضغط على راحة القدم يجب أن يكون متوسطا طوال الحصة التدليكية.
– مدة التدليك لا تقل عن 30 دقيقة أي لا تقل عن ربع ساعة لكل قدم.